تحسين الأشرم
عدد الرسائل : 1070 تاريخ الميلاد : 26/10/1964 العمر : 59 السٌّمعَة : 21
| موضوع: بؤس طفولة وشقاء شباب واغتراب رجولة أكتوبر 18th 2011, 02:49 | |
| بؤس طفولة وشقاء شباب واغتراب رجولة
أه كيف مر العمر سريعاً ..!!!! كم أشعر بشهوة حارقة للقهوة ! هذا ما جال في خاطره ، وهو على فراشه . أدار رأسه نحوها ، كانت حركته بالغة البطئ والصعوبة من شدة الوهن الذي يدهم جسده . كانت ترنو إليه بحنو صامتة بعد أن تدحرجت على وجهها الندي الذابل حبات دمع شفيفة ، وهي تفكر كيف لون الشحوب وجهه بريشته الخريفية . ******** كم أن راغب بفنجان من القهوة ! كان يتخيل رائحته طازجة تعبق في الفضاء ، ثم تسري في عروقه بإغراء شديد . هم أن يسألها فنجاناً من القهوة . آ آ آ ..!!!! حاول أن يهمس برغبته المحمومة كجسده الذي كان يتصبب عرقاً بارداً ، لكن الكلمات بقيت حبيسة صدره ، ولم تخرج . هل شل لساني ؟ وما عدت أستطيع النطق ؟! إلى هذه الدرجة استفحل المرض ، وراح يلتهم بدني ؟! شعرت بأنه يريد شيئاً ما فصرخت : ( ماء .... ماء ) ! وركضت ، أحضرت كوباً من الماء ، وقربته من فمه . ******** آه إنها حزينة جداً ، فتبقى وحيدة . مسكينة . .. منذ زمن بعيد لم ألاطفها ، لم أقل لها كلمة حب واحدة ولو مجاملة كم كنت فظاً بحجم قسوة الحياة والغربة ، لكنها صبرت ، واستوعبتني . آه لو أستطيع الآن ، لنهضت من سريري وشربت معها فنجاناً من القهوة ، على شرفة بيتنا ، ولاستمتعنا بالسماء وزرقتها ، وبأسراب الحمام تجوب فضائها الواسع .. سأعتذر لها ، سأخبرها أن حبي بحجم السماء ، وأن السنين لم تزدها إلا جمالاً. كان هذا سيسعدها كثيراً . آه كيف مر العمر سريعاً بين بؤس طفولة وشقاء شباب واغتراب رجولة ؟! وفكر منذ زمن بعيد لم ينظر إلى السماء ، حتى أنه لم يعد يتذكر متى آخر مرة عد فيها النجوم ، أو نظر إلى زرقة السماء ، وتمعن في أشكال نجومها سابحة بين جوانحها . "ربما كنت أنظر إليها ، لكن ذهني لم يكن صافياً أبداً ، حتى أنتبه إلى عمق جمالها " كيف لم أع انقضاء الزمن واقتراب ملاك الموت ؟! يا لسذاجتي ، كنت أعتقد أنه بعيد عني ، وأن لدي متسعاً من الوقت كي أحب وأعتذر ،وأستمتع بما حولي . آه لو أخذت إجازة ، وعدت من مرضي قبل مرضي ، لكنت جلست مع زوجتي ، واستمتعت معها بشرب القهوة . لم أعد أدري هل أنا أحلم أم هي تهيؤات الواقع ؟! وشعرت أني اسبح في الفضاء كما لو أني أطير مخدراً . تساءلت : لم تعد تتحرك أغصان الشجرة قبالتي مه نسائم المساء ؟! ولأكثر ما أدهشني أن الحمام بقي في إطار الصورة التي أنظر إليها من النافذة ، هل توقف عن الطيران والحركة هو الآخر ؟! وقررت أن أغلق جفني . كنت أشعر بجفاف كبير في عيني من شدة التحديق إلى السماء الزرقاء والغيوم وسرب الحمام . " آه كم رائع هذا المنظر ! " ... وحمد ربه أن سريره النافذة ، لكنه لم يستطع .
********
مع ازدياد ضجيج الأصوات في الغرفة ، راح وجيب قلبه يخافت رويداً رويداً ، حتى بات مخدراً بين الواقع والحلم . شعر أنه خفيف كغيمه تسبح في الفضاء .
ما عادت تتحرك أغصان الشجرة قبالته . تساءل لم . ودهش أكثر كيف سرب الحمام تجمد في إطار الصورة التي يرصدها من خلال النافذة . وكأن الزمن أخذ إجازة هو الآخر . ثم قرر أن يغلق جفنيه بعد أن شعر بجفاف في عينيه من طول التحديق إلى السماء الزرقاء ، والغيوم ، وسرب الحمام ... لكنه لم يستطع إغلاقهما : " حتى أنتما ؟!" فكر . ( أمي : حضر الطبيب )! " أهذا صوت ولدي ؟! آه كم يحرق الضوء عيني ... آه لو يأتي ويساعدني على إطباقهما . أريد أن أنام ، أريد أ .....ن ... أ ..... ن ..... ا ..... م . بعد برهة أطبق الطبيب عينيه قائلاً : " البقية في حياتكم " وغاب هو في ظلام بلون القهوة ، ورائحتها ما تزال ......
نقلاً عن مجلة المهندس العربي
| |
|
محمد داود شخلها فراتي نشط
عدد الرسائل : 672 تاريخ الميلاد : 05/02/1972 العمر : 52 السٌّمعَة : 6
| موضوع: رد: بؤس طفولة وشقاء شباب واغتراب رجولة أكتوبر 20th 2011, 00:33 | |
| آه كم يحرق الضوء عيني ... آه لو يأتي ويساعدني على إطباقهما . أريد أن أنام ، أريد أ .....ن ... أ ..... ن ..... ا ..... م .
قصة معبرة وكلمات مؤثرة تعجز الكلمات عن التعبير عن ما يجول في خاطري وأنا أقرأ هذه العبارات أبو وسام الغالي سلمت يداك
| |
|
تحسين الأشرم
عدد الرسائل : 1070 تاريخ الميلاد : 26/10/1964 العمر : 59 السٌّمعَة : 21
| موضوع: رد: بؤس طفولة وشقاء شباب واغتراب رجولة أكتوبر 20th 2011, 01:59 | |
| ه كم يحرق الضوء عيني ... آه لو يأتي ويساعدني على إطباقهما . أريد أن أنام ، أريد أ .....ن ... أ ..... ن ..... ا ..... م .
اشكر مرورك نعم أنها لحظات حرجة جداً أن يجد الأنسان نفسه عاجزاً عن االنطق للتعبير عما يجول بخاطره
أشكر مرورك | |
|