لقاء مع الأستاذة الدكتورة طليعة الصياح عميد كلية الاداب والعلوم الانسانية في جامعة الفرات تم طرح الاسئلة التالية :
س 1 – من هي أ . د . طليعة الصياح ؟ كيف وصلت إلى هذه المرحلة ؟
ج – الأستاذة الدكتورة طليعة الصياح – ابنة مدينة دير الزور – المدينة الوادعة على شط الفرات , ولدت فيها في سنة ( 1960م ) و نشأت في ربوع ثراها – و رشفت من مياهها العذبة , و تعلمت في أحضان مدارسها منذ الطفولة إلى نهاية المرحلة الثانوية . تربيت في بيت حباه الله بأمور كثيرة نعتز بها , و كان من فضائل الله على عائلتنا أن تربينا أنا و أخوتي على حب العلم , و حب الوطن , و الإيمان بكل ما هو خيّر في بناء الإنسان القويم الصالح , فكان هذا من النِعَم تلمست خطاها منذ نعومة سني الأولى , مما أوصلني إلى مرحلة كنت أطلب فيها المزيد من تلقي العلم و تحصيل الدراسة العليا , فدخلت جامعة دمشق , و كنت من أوائل خريجيها في قسم التاريخ مما أهلني أن أعُين معيدة في الجامعة و أوفد في بعثة علمية إلى ألمانيا فحصلت على شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث و المعاصر بتفوق , و عدت إلى وطني لأعمل في التدريس الجامعي , و قد وصلت إلى هذه المكانة بفضل الدعم الكبير و التشجيع من قبل والدي و والدتي أولاً أدعو الله أن يمد بأعمارهم و بفضل تشجيع زوجي الأستاذ الدكتور راغب العلي الحسين ثانياً و بفضل حبي للعلم و العمل ثالثاً وأخيراً .
س 2 – أول أستاذة دكتوراه ( برفسور ) في جامعة الفرات هل هذا يحملك مسؤولية أكبر علمياً ؟
ج – نعم أنا أول أستاذة في جامعة الفرات , لم يأت هذا اللقب العلمي من هباء , و إنما جاء من مثابرة و تفان و إخلاص لرسالتي التي أقسمت أن أصونها و أحافظ عليها في أداء شرف مهنة التدريس , فقدمت الجهد العلمي المتواصل الذي لم ينقطع أبداً , فنشرتُ كتب و دراسات علمية عديدة و شاركت في مؤتمرات دولية عديدة , مما أضاف لي الخبرة المتواصلة أولاً , و العطاء الذي لم ينقطع ثانياً , و المحافظة على مسيرة الأداء و تطويرها علمياً ثالثاً .... فهي مسؤولية كبيرة لا يدركها إلاّ من يخوض تفاصيلها و يعيش معناها و يخلص لكل خطوة فيها .. و أنا أعتز و أفتخر بأنني كنت أهلاً لتحمل هذه المسؤولية من خلال المعطيات التي قدمتها في جامعات دمشق و حلب و الفرات و في الجامعات العربية جامعة صنعاء في اليمن و جامعة البنات في المملكة السعودية . ومن خلال تحمل عبء المسؤولية الإدارية في تولي مهام عمادة كلية الآداب في جامعة الفرات منذ عام 2007 و حتى تاريخه .
س 3 – كأول عميدة في جامعة الفرات , ما هي الصعوبات التي تواجهك و أنت في إدارة الكلية ؟
ج – عندما أحدثت الجامعة قررت أن أنقل ملاكي من جامعة دمشق إلى جامعة الفرات في دير الزور إعتزازاً بمدينتي , وخدمة أسديها لأبناء هذه المدينة , رغم أنني أعرف مسبقاً أن هناك صعوبات قد تقف أمامي و لكنني كنت ماضية فيما كنت أراه صحيحاً و يجب أن يكون , لأن مسيرة العلم يجب أن تستمر رغم كل الصعاب , و رغم كل العثرات , و رغم كل نقيق قد يظهر أثناء مسيرة الأداء العلمي و الإداري , و في النهاية سيثبت في الجامعة ما هو صحيح , و يمكث في أرض كلية الآداب ما هو صحيح , و أما الزبد فسيذهب رغاؤه و يتلاشى و يضمحل دون عودة , لأن مسيرة العطاء إلى الأمام .. سنعمل دائماً للمحافظة على مكرمة السيد الرئيس بشار الأسد جامعة الفرات . و نعاهد الله و الوطن و سيد الوطن أن نعمل على إنجاح هذه الجامعة .
س 4 – تنقلت في بلدان عربية و درست في جامعاتها , فما تقييمك لمستوى التعليم في جامعاتنا السورية ؟
ج – نعم لقد عملت في التدريس في عدد من الجامعات العربية , و هذا أمر أعتز به فقد درستُ في جامعة صنعاء في اليمن و في كلية التربية بالخرج في المملكة العربية السعودية أما عن مستوى التعليم في جامعاتنا السورية , فأقول إن جامعاتنا هي من الجامعات الراقية عربياً في جميع نواحي المعرفة و العلوم العلمية و الإنسانية , هذه شهادة يعرفها الجميع لأن عراقة الجامعات السورية مشهود بها في جميع المحافل العلمية عربياً و عالمياً .
س 5 – تكريم السيدة أسماء الأسد ماذا يعني لك ؟
ج – هي لفتة كريمة من سيدة كريمة تذوقت معنى الأمومة فأصبحت تدرك أن أكرم تكريم أن الله سبحانه و تعالى جعلنا أمهات , وما التكريم الثاني الذي قامت به سيادتها إلا دليل على طيبة أخلاقها و كرم نفسها و اهتمامها و رعايتها و تشجيعها للمرأة و إيمانها بأن تطور مجتمعنا و تقدمه مرتبط بمقدار ما تتمتع به المرأة من حقوق و ما تساهم به من واجبات في هذا المجتمع .
أنا فخورة بهذا التكريم و أعتز به كثيراً و أرى فيه خطوة تدفعنا للعمل أكثر في مسيرة التحديث و التطوير .
س 6 – ما هو دور الرجل في حياة طليعة الصياح ؟
ج – الرجل هو رفيق رحلة الحياة ... و رفيق رحلة العمر بكل تفاصيل مساراتها في الفرح و في الحزن , في المشاركة و في العطاء ... الرجل بالنسبة لي مفخرة من مفاخر الحياة التي منحها الله للبشر .. و أتمنى أن يقدر الرجال مقدار المسؤولية التي تقدمها و تتحملها المرأة فالتعاون بين الرجل و المرأة هو رمز السعادة .
س 7 – تحاول الأم تحقيق ذاتها في أبنائها . هل حاولت ذلك ؟ ما هي ثمارك ؟
ج – كل أم تحاول أن تنشئ أبناءها نشأة طيبة تحمل النُبْل في جميع متطلبات الحياة .. فكل أم تتمنى أن يكون أبناؤها في المستوى المرموق علمياً و اجتماعيا .. وهذا لا يتحقق إلا بجهد و عناء كبير من توجيه و تربية و نصح و إرشاد ... وقد عملت في هذا الاتجاه و نجحت و الحمد لله في رسالتي كأم فكانت الحصيلة المثمرة بثمرة رسخت جذورها في بيت علم أن كانت :
- ابنتي إيمان( طالبة طب بشري سنة رابعة )
و التي أعدها جوهرة بل درة ثمينة في منزلي لما تحمله من كرم الطباع و الأخلاق و حب الوالدين و الأخوة , و أسأل الله أن يوفقها و يحفظها و تقر بها عيني فأراها من كبار عمالقة الطب .. إنها مرضية حملت عني و لا تزال الكثير من الهموم .
- ابني سومر ( طالب ثالث ثانوي علمي )
- و ابنتي سوزان ( طالبة أول ثانوي )
- و ابنتي بوران ( طالبة سادس ابتدائي )
حفظهم الله بزرع سيعطي أُكُلَه , و بغرس يعطي ثماره إن شاء الله بما يفيد المجتمع و بناء الوطن .
س 8 – هل وصلت المرأة في دير الزور ... بماذا تنصحينها ؟
ج – المرأة في دير الزور أم و أخت و ابنة كانت في سنوات سابقة تعيش حياة تتجاذبها أمور اجتماعية كثيرة تتصل بالعادات و الأعراف و التقاليد , منها ما هو صحيح , و منها ما هو بالٍ . فعانت الكثير , و لكن بتقديري تغيرت الصورة الآن , فأصبح لها مكانة في مجتمع دير الزور . وبرزت هذه الآثار في جيل من المتعلمات و المثقفات اللواتي هنّ حصيلة تطور ثقافي يرتبط بالحياة العامة في جميع نواحيها .
أوجه نصيحتي من هذا المنبر للمرأة في مدينتنا أن تكون دوماً على قدر المسؤولية التربوية في تنشئة الأبناء و تقديم التوجيه و المساعدة لهم ضمن أُسس قويمة مبنية على الخير وأن تبتعد عن الحقد و الحسد و اللامبالاة . وأن تعمل جاهدة من أجل الخير و السعادة , و باتجاه كل ما هو جميل و مشرق في الحياة .
س 9 – مدينة دير الزور ... ماذا تعني لك ؟ و ماذا تقولين لها ؟
ج – لقد زرت مدن عربية و أوربية عديدة و لكن حبي الأبدي يبقى لمدينتي دير الزور ,
فهي مدينة الحب , مدينة التحفت الصحراء فأنجبت الأمهات الخالدات ... مدينة لها في نفسي زوايا تتخلل كل منفذ من شراييني , لها مني كل إجلال .... و لكنني أقول و في نفسي غصة و في عيني دمعتان دمعة حب و وفاء , و دمعة تطلع بأن نزرع فيها دوماً الأمل , وأن نبني فيها الخير , و أن نتجاوز السيئات ... و ستبقى المدينة الخالدة التي لا يكدرها الدلاء , و لا يؤثر فيها تعب الأيام طالما أن التمسك بالجذور يبقى في النفوس , و طالما حب الانتماء للوطن و الأمة يبقى مغروساً في الصدور .
- لك مساحة للبوح :
تحية التي استطاعت أن تفرض نفسها في ساحة الكلمات و ذلك بمصداقيتها و موضوعيتها و حيازة قصب السبق إلى مواضيع غاية في الأهمية . واستطاعت تسليط الضوء على جوانب كادت تفقد رونقها لأن النور لم يزرها .
و لابد من الإشارة إلى اهتمامها بالمرأة التي تدخل في أبسط الأشياء و أكثرها تعقيداً , المرأة رمز الحياة و التجدد .
أجرى اللقاء الأستاذ أحمد حمود العطرة